فصل: باب القزعان والقرعان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البرصان والعرجان والعميان والحولان **


  باب ما جاء في شبيه الأعضاء المرغوب عنها من أعضاء الذئاب والكلاب وغير ذلك

مولى من الخوف يدعي وهو مشتمل ترى به عن قتال القوم عقالا حنى بنانيه وسط القوم يشتمني وخصية الكلب وسط القوم مسلالاً في فتية من بني هند كأنهم آذان أحمرة يحملن أثقالا ومما ذكروا فيه الآذان وليس من الباب الأول قول الأعرابي‏:‏ يا حمل المغبوط والغدار أصبو فإني أذن الحمار وقال الباهلي وليس هذا أيضاً من الباب الأول‏:‏ بضربٍ كآذان الفراء فضوله وطعنٍ كإيزاغ المخاض تبورها يقول‏:‏ ضربوهم بالسيوف فعلقوا على أيديهم من لحومهم كآذان الحمير والفراء‏:‏ الحمار والفراء‏:‏ الحمير قال النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ كل الصيد في بطن الفرا ‏"‏‏.‏

وقال الشاعر في الباب الأول‏:‏ ما كنت للأعداء إلا فقع قرقرةٍ لما تواعدتني يا برثن الطير وقال أبو عزة وهو عمرو بن عبد الله بن وهب بن حذافة بن سعد بن جمح‏:‏ قبح الإله وجوههم وشياتهم مما تجن صدورهم أو تخمر زرق العيون كأن حد أنوفهم كمر الكلاب لناظر يتبصر ألا إن شر الناس معرفاً به حصين بن زيد مؤخر العنق الرطب ثعالب لا يوفين جاراً بذمةٍ ويقسمن أشلاء برابيةٍ حدب وقال محرز بن المكعبر الضبي‏:‏ تخال أفواههم أحراح نسوتهم كأن آنفهم في المجلس الكمر وقد يدخل في هذا الباب قول اللعين‏:‏ نبئت خولة تهجوني فقلت لها يا خول هل لك في الكبساء والخوق مثل الصلاية متآم إذا ولجت في مهبل صادفت داء اللخاقين وقاسحٍ كعمود الأثل يحفزه رجلا حصانٍ ومتنٌ غير معروق كأن أوداجه منه إذا انشخبت حلقوم شيخٍ من الحرمان مخنوق وقال في هذا الباب معبد بن شعبة الضبي‏:‏ ما كان لو طاعنت عن بكراتها لبني البروك مويلدٍ والأعور ولحق جيش كنت أنت رئيسه جلد العظاية أن يجيء بمنكر فقال الآخر‏:‏ قفا حزر عرد تبوأ مجثماً برابية فيها قنادٌ وشبرم وقال الشاعر في الرقاب الغلب والأنف الشم فمما قالوا في مديح الأنوف وغيرها قال حسان بن ثابت‏:‏ بيض الوجوه نقيةٌ أجسادهم شم الأنوف من الطراز الأول وقال ابن مقروم الضبي‏:‏ وفتيةٍ لا يشين الفحش مجلسهم شم العرانين لا ميل ولا عرل وقال ابن قنبر‏:‏ إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ومانع ظهري خازم وابن خازم عطست بأنف شامخ وتناولت يداي الثريا قاعداً غير قائم وقال آخر‏:‏ وأبغض من قريش كل إزب صغير الجسم تحسبه وليدا كأنهم كلا بقر الأضاحي إذا قاموا حسبتهم قعودا وقال الشاعر‏:‏ وقال الناس آل بني هاشم هم الأنف المقدم والسنام وقالوا‏:‏ كانوا بنو عبد المطلب عشرةً يأكل أحدهم جذعةً ويشرب فرقاً ترد أنوفهم الماء قبل شفاههم‏.‏

وإذا ذكروا إنساناً بالكبر قالوا‏:‏ كأن أنفه نعرة وفي أنفه خنزوانة وإنما أنفه في أسلوب قال الشاعر‏:‏ جاءوا إلينا وهم صيد رءوسهم فقد تركنا لهم يوماً كأيام ويقولون‏:‏ جدع الله أنفه وأرغم الله أنفه والرغام‏:‏ التراب ويقولون‏:‏ أنفٌ ومرسن ومعطس ونحوه وربما قالوا‏:‏ خرطوم قال الشاعر‏:‏ أمسى المضاء ورهطه في هبطةٍ ليسوا كما كان المضاء يقول لا تخرأ الذبان فوق أنوفهم فاليوم تخرأ فوقها وتبول وقال آخر‏:‏ يا رب من يبغض أذوادنا رحن على بغضائه واغتدين لو ينبت البقل على أنفه لرحن منه أصلاً قد أنين وقال حميد بن ثور الهلالي‏:‏ ود الملوك بأشراف مجدعةٍ وأن أعينهم مطموسةٌ عور وفي القرآن‏:‏ ‏"‏ سنسمه على الخرطوم ‏"‏ وقال خليفة الأقطع‏:‏ قطعوا منطق الرئيس هريم وجذوا مسوراً على الخرطوم وقال الشاعر‏:‏ وجدنا بني شيبان خرطوم وائل ويشكر خنزير أدن قصير وقال أبو قيس بن الأسلت في إرغام الأنف‏:‏ فتركت سيدهم ينوء بطعنةٍ من زاعب في ذي سنان مطرد رغماً لأنفكم رعيي فإنكم أهل الجياد الخب قدماً فابعدوا وباب آخر من ذكر الأنوف وهو قول قائل‏:‏ أنوف وآذان وأيدٍ أمدها مع القتل هيآت السيوف الصوارم وقال آخر في عيب الرضا بالديات وترك طلب الثأر‏:‏ كلوا أنف حيان بكاراً فإننا تركناه عن فرط من السن أجدعا ولذلك قال الشاعر‏:‏ معاقيل من أيديهم وأنوفهم بكاراً وثنياً تركب الحزن ظلعا وفي الباب الأول يقول الشاعر‏:‏ وفي باب آخر ذكر الأنوف وما يكون فيها من الشعر قال ذو الرمة‏:‏ فلو كان عمران بن موسى أتى بها ولكن عمران بن حيداء قصرا لئن كان موسى لح منك بدعوةٍ لقد كان من ثؤلول أنفك أوجرا وقال عقيل بن علفة يهجو عمار بن عيينة بن حصن‏:‏ لم يبق من آل بدر غير أهجنة شعر أنوفهم حول ابن عمار وفزارة تهجي بشعر القفا ولذلك قال الحارث بن ظالم حيث انتسب إلى قريش وانتفى من بني مرة بن عوف‏:‏ فما قومي بثعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا وأما مزرد بن ضرار فإنه جعل ذلك مفخراً ومجداً حيث قال‏:‏ إلى الفرعين من غطفان أنمي وجدك لم يبلغك انتسابي نجيب بين ثعلبة بن سعدٍ وبين فزارة الشعر الرقاب فما من كن بينهما بنكسٍ وجدك في الخطوب ولا بكابي وإذا عظم الأنف وطال شبهوه بثيل الجمل وعابوه بذلك قال قعنب ابن أم صاحب‏:‏ أتيت الوليد فألفيته كما قد علمت عيياً بخيلا فقدت الوليد وأنفاً له كثيل القعود أبى أن يبولا وقال آخر في مثل ذلك‏:‏ وما لمتها لما تبينت وجهه وعيناً له خوصاء من تحت حاجب وأنفاً كثيل العود يقطر ماؤه على لحيةٍ شمطاء ذات عجائب وأنشد أبو الرديني العكلي‏:‏ عدمت أنفاً ها هنا مستالاً من امرئ قد عدم الجمالا وحاجبين عظما وطالا وعين سوءٍ تكسر المكحالا وقال أبو فرعون‏:‏ إليك يا محمد بن عمرو غوت في الفخر وقبل الفخر كأن عينيه صرار صبر بينهما أنفٌ كثيل البكر ويزعمون أن معاقرة الشراب تعظم الأنف وقال حماد بن سابور يهجو حماد بن أبي ليلى الراوية وذكر معاقرته الشراب وكذلك عظم أنفه لذلك فقال‏:‏ نعم الفتى لو كان يعبد ربه ويقوم وقت صلاته حماد هدلت مشافره الشمول فأنفه مثل القدوم يسنه الحداد وقال جرير يهجو الأخطل في إكبابه على شرب المسكر وبترك طلب ثأره حتى عظم لذلك أنفه‏:‏ قبحت موتوراً وطالب دمنةٍ بالحضر تشرب تارةً وتبول وشربت بعد أبي ظهير وابنه سكر الديان كأن أنفك ثيل وقال الشاعر في المعنى الأول‏:‏ قد علم الناس عند الفخا - ر أن كنانة أنف العرب فكذلك يضعون الغلصمة والغلاصم كما يضربون المثل بالخرطوم والخراطيم بالأنف والأنوف ولذلك قال الشاعر‏:‏ فإن تك في الغلاصم من قريشٍ فإني من بني جشم بن بكر وقال شريك بن الأعور‏:‏ فإن تك في أمية من ذراها فإني من بني عبد المدان وللخرطوم أيضاً أماكن فمنها قول ذي الرمة‏:‏ كأن أنوف الطير في عرصاتها خراطيم أقلامٍ تخط وتمصع وقال أيضاً ذو الرمة‏:‏ سديس تطاوى البعد أو حد نابها صبي كخرطوم الشعيرة فاطر كأن على خرطومه متهافتاً من القطن هاجته الأكف النوادف ويوصف الإنسان بأنه أقنى مدح وكذلك جوارح الطير قال ذو الرمة‏:‏ نظرت كما جلى على رأس مرقبٍ من الطير أقنى ينفض الطل أزرق ووصف الخريمي المنجنيق فقال - وجعل أنفها في قفاها كما يزعمون أن لجام السفينة في ذنبها -‏:‏ ومجانيق تمطر الموت كال - آطام منصوبةً لنا بالفناء كل وقصاء أنفها في قفاها عنتريس أوفت على علياء فسما أنفها بماضي الحميا يتهادى بصخرةٍ صاء ما يبالي الرامي بها أوليا أم عدوا أصاب عند الرماء فتوارت في الجو ثم تدلت بالمنايا كأنها بنت ماء الشم ودقة الاسترواح يكون للنعامة قال الراجز‏:‏ أشم من هيقٍ وأهدى من جمل ومن أعاجيب الدنيا شم الفرس لريح الحجر وبينها عدة دور وشم النملة لما لا رائحة له عند الناس والسباع توصف بجودة الشم وفي الناس الأخشم المصمت الذي لا يجد رائحة ألبتة وإذا كان كذلك لم يجد طعماً ألبتة‏.‏

قال موسى بن يزيد الصيرفي‏:‏ ما أفصل بين الخل والعسل وكذلك كان عيسى بن حطان المروزي الأزرق وكان صاحب يحيى بن خاقان وكذلك كان خاقان بن صبيح النحوي المتكلم وكذلك كان عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك صاحب الأندلس‏.‏

وأهل البدو أجود شماً وألطف حساً من غيرهم وأولادهم أجود شماً منهم وقال الشاعر‏:‏ إذا احتل حضني بلدةٍ طر متهماً لأخرى خفى الشخص لليل تابع وقال الآخر‏:‏ وجاء كمثل الرأل يتبع أنفه لعقبيه من وقع الصخور قعاقع وقال الشاعر‏:‏ وبهماء يستاف التراب دليلها وليس بها إلا اليماني محلف تجاوزتها وحدي ولم أرهب الردى دليلي نجمٌ أو جوادٌ مخلف وقال‏:‏ إذا الدليل استاف أخلاق الطرق وقال في بعض في ما يستدل به الأدلاء‏:‏ وأما قوله‏:‏ يستخبر الريح إذا لم يسمع بمثل مقراع الصفا الموقع فإنما يعني الذئب واستراوحه‏.‏

وكان دعيميص الرمل أهدى من قطاة لم يكن في العرب مثله وهو الذي قال لبني له صغير‏:‏ أعرف منك طمعي وياسي ونظري في الأرض واستئناسي ويقال إنه لمخش وإنه لخريت إذا كان دليلاً معافى قال امرؤ القيس‏:‏ على لاحبٍ لا يهتدي لمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا وقال آخر‏:‏ لله در نافع أني اهتدي فوز من قراقرٍ إلى سوى خمس إذا ما ساره الجبس بكى ما ساره قبلك إنسي يرى يزيد بن هارون عن أبي الأشهب وعبد الله بن مخلد عن أبي الأشهب سمع عبد الله بن طرفة بن عرفجة‏:‏ أن أنفه أصيب يوم الكلاب فاتخذ أنفاً من ورق فأنتن عليه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب‏.‏

  باب القول في الرءوس صغارها وكبارها

وممن يضاف إلى صغر الرأس ويعاب بذلك سنان بن سلمة الهذلي وهو الذي قال له ابن راشد الجديدي‏:‏ والله ما أنت بعظيم الرأس فتكون سيداً وما أنت بأرسح فتكون فارساً‏.‏

ومنهم عمر بن هبيرة الفزاري قالوا‏:‏ كان يلقب رأس العصا ولذلك قال الشاعر‏:‏ ‏.‏

ومنهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث‏.‏

ومنهم إفريقي هرثمة قدم به هرثمة ينظر في الأكتاف ويتكهن والنظر في الأكتاف شبيه بالنظر في أسرار الكف وفي قرض الفأر وفي الخيلان ولكل صنفٍ من هذه الأبواب صنفٌ من الناس يدعون أن فيه علماً وخبرني بكر بن الأشقر صاحب خمس بني تميم بالبصرة وكان أبو زيد جاراً له ببغداد قال‏:‏ لم يزل يقول‏:‏ لا يموت هرثمة حتى يهزم جيش المبيضة‏.‏

قال مسكين الدارمي في عظم رءوس بني تميم‏:‏ وإنا أناسٌ تملأ البيض هامنا ونحن حواريون حين نزاحف المعلا بن جوبير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال‏:‏ لا أزال أحب بني تميم لثلاث سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ جاء سبي بني العنبر وكان على عائشة رقبة من ولد إسماعيل فقال النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ إن أردت أن تعتقي من ولد إسماعيل فهذا من ولد إسماعيل ‏"‏ وجاءت صدقة بني تميم فقال رسول الله‏:‏ ‏"‏ هذه صدقة قومي ‏"‏ وسمعته يقول‏:‏ ‏"‏ ضخم الهام رجح الأحلام وأشد الناس على الرجال في آخر الزمان ‏"‏‏.‏

عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ الصورة الرأس فإذا ذهب الرأس فلا صورة ‏"‏‏.‏

عبد الله بن موسى عن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال‏:‏ رأى رسول الله عليه السلام حماراً موسوماً في وجهه فكره ذلك وقال فيه قولاً شديداً‏.‏

قالوا‏:‏ وكان أول من اجتنب الوشم في الوجه العباس وكان أول من وشم الحمار على جاعرتيه وقال العبلي في رأس عتبة بن ربيعة حين طلبوا لرأسه بيضةً تسعه في ذلك العسكر‏:‏ وقد عجزت عن رأسه كل بيضةٍ أنوه بها والقوم دلم شواحب وقال ابن عنمة الذبي‏:‏ لعمرك ما غيظٌ بأشباه صاهل ولا شاكهت ألوانهم للجعاثم ولكنما غيظٌ إذا ما لقيتهم سناطٌ وصلع أو عظام الجماجم وقال الخريمي يصف رءوس أهل خراسان في كلمته التي يقول فيها‏:‏ والشوق يرميهم بأرواقه بجحفلٍ يأوى إلى جحفل وقال آخر في تعظيم شأن الرأس العظيم‏:‏ ود نفيرٌ الكاس لوانه بنجران في شاء الموقر أسعياً إلى نجران في شهر ناجرٍ وأعيا عليه كل أعيس مشقر وصرت لهم عتبي بيوم حريةٍ كأنهم تدبيج شاءٍ معفر عمدتم إلى شلوٍ تنوذر قبلكم كبير عظام الرأس ضخم المذمر وقال الآخر‏:‏ يقول لي الأمير بغير نصحٍ تقدم حين جد به المداس فمالي إن أطعتك من حياة ومالي بعد هذا الرأس رأس وقال أخر وقدمة قائد في الحرب فأبى مقال‏:‏ ألا لا تلمني يا بن صوحان إنني أخاف على فخارتي أن تحطما فلو أنني أبتاع في السوق مثلها متى شئت ما باليت أن أتقدما ومنهم ذو الرأسين جد شوال بن المرقع بن ذي الرأسين وقال الشاعر‏:‏ أما لابن ذي الرأسين مجدٌ مقومٌ وسيفٌ إذا مس الكريهة يقطع فلما سمعنا قول الآخر‏:‏ لا تقبروني إن قبري محرمٌ عليكم ولكن أبشري أم عامر إذا ضربوا رأسي وفي الرأس أكثري وغودر عند الملتقى ثم سائري هنالك لا أبغي حياة تسرني سمير الليالي مسلمٌ بالجرائر رأيناه عالياً على كل ما جاء في هذا الباب من الشعر فقال في ذلك بلعاء بن قيس‏:‏ كالرأس مرتفع فيه مشاعره تهدي السبيل له سمعٌ وعينان قال‏:‏ وكان رأس هشام بن عبد الملك صغيراً ولذلك قال الفرزدق حين مدحه فلم يعطه إلا خمس مائة درهم‏:‏ وقبلت رأساً لم يكن رأس سيدٍ وكفا ككف الكلب بل هي أحقر ومما يدخل في هذا الباب - وإن لم يكن في ذكر الرأس - قول الآخر‏:‏ دعا ابن مطيع للبياع فجئته إلى بيعةٍ قلبي لها غير عارف فناولني خشناء لما لمستها بكفي ليست من أكف الخلائف وضخم الرأس في المرأة أحمد وعلى حسب ذلك يكون صغر رأسها في القبح ورأس الرجل وإن كان العظم ممدوحاً فيه فإن للعظم غاية إذا جاوزها الرأس عاد ذلك إلى فساد وضخم صلتة الخد طويلٌ جيدها ضخمة الثدي ولما ينكسر جعدةٌ فرعاء في جمجمةٍ ضخمةٍ تفرق عنها كالضفر ودخل مالك الأشتر على علي بن أبي طالب في صبيحة عرسه ببعض نسائه فقال‏:‏ كيف رأى أمير المؤمنين أهله قال‏:‏ كالخير من امرأة خباء قباء قال‏:‏ وهل يريد الرجال من النساء غير ذلك قال‏:‏ لا حتى تدفئ الضجيع وتروي الرضيع‏.‏

وقد سمعت رجالاً من أهل البيان يستحسنون هذا الكلام جداً‏.‏

ورب جنس من الحيوان يكون عظم الرأس فيه أحمد وذلك كالجمل ولذلك قال ذو الرمة‏:‏ ورأس كقبر المرء من آل تبع فأما البقر فصغر الرأس فيها أحمد‏.‏

ولما هجا أبا موسى رجلٌ من العرب فقال له‏:‏ أنت بالبقر أبصر منك بالخيل فقال أبو موسى‏:‏ لئن قلت ذلك إني لعالم بها إذا أردتها عزيزة فعليك بها ضخمة الجوف صغيرة الرأس دقيقة القرن‏.‏

قال الكميت بن معروف‏:‏ إنا إذا اجتمع النفير لمجمع ينفي الأفل به العزيز الأكثر وإذا عزت القبيلة وقهرت القبائل فهي رأس كذلك تسمى ولذلك قال عمرو بن كلثوم‏:‏ برأسٍ من بني جشم بن بكر ندق به السهولة والحزونا قال‏:‏ وقيل لأعرابي‏:‏ إنك لتكثر لبس العمامة قال‏:‏ إن شيئاً فيه السمع والبصر لجدير بأن يوقى الحر والقر‏.‏

وقال نصيب أبو الحجناء‏:‏ الحمد لله أما بعد يا عمر فقد أتتك بنا الحاجات والقدر وأنت رأس قريش وابن سيدها والرأس يكون السمع والبصر وقال الشاعر‏:‏ قاوص الظلامة من وائل يرد إلى الحارث الأضجم وقال لقيط بن زرارة أو حاجب بن زرارة‏:‏ قتلت به خير الضبيعات كلها ضبيعة قيسٍ لا ضبيعة أضجما وكان ابن مارية أقصم أثرم وهو الملك الذي مدحه الحارث بن حلزة فقال‏:‏ فإلى ابن مارية الجواد وهل شروى أبي حسان في الإنس ولذلك قال الحارث بن حلزة‏:‏ قال‏:‏ ومن الثرم ذو الأصابع العدواني وهو الذي يقول‏:‏ لا يبعدن عهد الشباب ولا لذاته ونباته النضر والمرشفات من الخدود كإي - ماض الغمام صواحب القطر لولا أولئك ما حفلت متى عوليت من حرج إلى قبر هزجت أنيلة أن رأت هرمي وأن انحنى لتقادم ظهري باب ما قالوا في الأعناق في الصنفين جميعاً من الرجال والنساء قال الشاعر‏:‏ ركب تساقوا على الأكوار بينهم كأس الكرى وانتشى المسقي والساقي كأن هامهم والسكر واضعها على المناكب لم تعدل بأعناق وقال آخر‏:‏ وقد شربوا حتى كأن رقابهم من اللين لم تخلق لهن عظام وقال الشاعر في غير هذا الباب من ذكر الأعناق‏:‏ من كل لبني قد قضيت لبانتي سوى عظم أعجاز ثقال الروادف وهصري أعناقاً تلين فتنثني كما لان خيطان الأراك الضعائف القرط في واضح الذفري معلقةٌ تباعد الخد منه فهو يضطرب وقال ابن أبي ربيعة المخزومي‏:‏ بعيدة مهوى القرط إما لنوفل أبوها وإما عبد شمس وهاشم وقال عبيد بن الأبرص‏:‏ ناطوا الرعاث بمهوى لو تزل به لا ندق دون تلاقي اللبة القرط وقال مطيع بن إياس‏:‏ قد دلهتني طويلة العنق وحب طول الأعناق من خلقي وقال الآخر‏:‏ لعوبٌ ترى خرصانها بمهالكٍ إذا هي هزت جيدها لفخار ثم ذكر أنفها فقال‏:‏ إذا الريح هبت ترتم الريح أنفها إذا لم تصنها كفها بخمار وقال آخر ووصف عنق رجل فقال‏:‏ يا ربها يوم تلاقي أسلما يوم تلاقي الشيظم المقوما عبل المشاش وتراه أهضما كأن بين منكبيه سلما والوقص‏:‏ الفيل والخنزير والثور وأما الفرس ففي عنقه يقول الشاعر‏:‏ مدفقة المتنين ينمي لها هاد كجذع النخل يعبوب وقال آخر‏:‏ ملبوبةٌ شد المليك أسرها أسفلها وبطنها وظهرها يكاد هاديها يكون شطرها وهذا كثير‏.‏

وأما قولهم في عنق البعير فكقول الشاعر‏:‏ لا مال إلا كل صهباء فضل تناول الحوض إذا الحوض شغل ومنكباها خلف أوراك الإبل بشعشعاني صهابي هدل وقال آخر‏:‏ أغرك أن جاءت ظماء وباشرت بأعناقها برد النطاف الصباصب تناولن ما في الحوض ثم امترينه بخرج وأعناق طوال المذانب وقال الآخر‏:‏ لهن أعناقٌ وهامٌ لد كأن أثباج وبارٍ تعدو مخضٌ إذا شئت وسيرٌ وخد وثمن فيه وفاءٌ نقد فهي جمالٌ وغناً ورفد يقودها منها جلالٌ نهد كأنما رجس اللهاة الرعد

  باب الصلع والقرع

أنشدنا الأصمعي‏:‏ ألا قلت الحسناء يوم لقيتها كبرت ولم يجزع من الشيب مجزعا رأت ذا عصاً يمشي عليها وشيبةً تقنع منها رأسه ما تقنعا فقلت لها لا تهزئن فقل ما يسود الفتى حتى يشيب ويصلعا وللقارح اليعبوب خيرٌ علالةً من الجذع المجري وأبعد منزعا وقال المساور بن هند بن قيس بن زهير‏:‏ وأرى الغواني بعدما واجهنني أعرضن ثمت قلن شيخٌ أعور ورأين رأسي صار وجهاً كله إلا قفاي ولحيةً ما تضفر وقال آخر‏:‏ وقال الآخر‏:‏ إذا ما لقينا أصلع الرأس أشيبا طويل القرى ضخم العثانين أكلفا فذاك الذي لا يخلف البرق ودقه ويصبح بساماً وإن كان مدنفا عطوفٌ على بذل اللها وهو واجدٌ وإن كان مختلاً أبى وتكلفا تفرع من طودي غنى بن يعصرٍ بوازخ صدافٌ عن الضيم أشرفا لهاميم صلعٌ في قديم أرومةٍ وحادث مجد كان بالأمس مطرفا سواءٌ عليه حين يجتاب وحده طخا الليل أو ضوءاً من الصبح أسدفا وأنشد‏:‏ إن زياداً وزياد فرع أصلع ينميه رجال صلع وأنشد ابن الأعرابي‏:‏ وهلك الفتى ألا يراح إلى الندى وألا يرى شيئاً عجيباً فيعجبا ومن يتبع منى الطلع يلقني إذا ما رآني أصلع الرأس أشيبا وأنشد أبو عبيدة‏:‏ قال‏:‏ وذكر السيد صلع علي بن أبي طالب في ذكر حوض النبي صلى الله عليه وسلم وسقيه الناس منه فقال‏:‏ حوضٌ له ما بين بصرى إلى أيلة يوم الجمع أو أوسع يصب فيه مثعبا فضةٍ فالحوض من مائهما مترع فيه أباريقٌ وقدحانه يذب عنه الرجل الأصلع يذب عنه ابن أبي طالبٍ ذبك جربا إبل تشرع وقال معاوية بن أبي سفيان‏:‏ ثلاث خصالٍ من السؤدد‏:‏ الصلع واندحاق البطن وترك الإفراط في الغيرة‏.‏

قال أبو الحسن‏:‏ وحدثني رجل سمع شيخاً من الشيعة يقول في دعائه‏:‏ اللهم إني أستصلعك وأستبطنك وأستحمشك‏.‏

وكان أبو النجم أصلع وفي ذلك يقول‏:‏ قد أصبحت أم الخيار تدعي على ذنباً كله لم أصنع أن أبصرت رأسي كرأس الأفرع ومن الصلعان والجلحان أسيلم بن الأحنف وفيه يقول الشاعر‏:‏ من النفر الشم الذين إذا انتجوا وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا جلا الأذفر الأحوى من المسك فرقه وطيب الدهان رأسه فهو أنزع إذا النفر السود اليمانون حاولوا له حوك برديه أرقوا وأوسعوا قال‏:‏ الغالية تورث الشيب وغسل الرأس بالسدر يحت الشعر‏.‏

وقال ابن أبي كريمة‏:‏ هب المشيب يداوي فرط منظره فمن له بدواء يذهب الصلعا وقال ابن أبي بردة بن أبي موسى‏:‏ كفروا كفرةً صلعاء‏.‏

وقال أمية بن الأسكر‏:‏ ومرقبةٍ نميت إلى ذراها تزل الطير كالرأس الحليق وقال عمرو بن معدي يكرب‏:‏ وزحف كتيبة دلفت لأخرى كأن زهاءها رأس صليع أبو الحسن قال‏:‏ حدثني رجل عن الحسين بن عمارة عن نعيم بن أبي هند قال‏:‏ دخل إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله على عمر بن عبد العزيز وكان إبراهيم ذا جمة حسنة وكان عمر أصلع ذهب الشعر وصلع قبل الثلاثين فقال له عمر‏:‏ أما إن قريشاً تزعم أن كرامها صلعانها فقال إبراهيم‏:‏ أما لئن قلت ذاك لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن الله ليزين المرء المسلم بالشعر الحسن ‏"‏‏.‏

وقالت عائشة‏:‏ والذي زين الرجال باللحى‏.‏

وليس شيء أشد على الرجال وأشنع عندهم في عقوبة السلطان من حلق الرءوس واللحى‏.‏

 باب القزعان والقرعان فمن القرعان الأقرع بن حابس كان أقرع الرأس سنوطاً لا لحية له‏.‏

وكان عبد الله بن جدعان أقزع غير أقرع‏.‏

وكذلك عمير بن الحباب كان سنوطاً قط‏.‏

وكذلك قيس بن سعد كان سنوطاً‏.‏

وكذلك سويد بن منجوف وإياه يعني عبيد الله بن الحر في معاتبته مصعب بن الزبير حين يقول‏:‏ بأي بلاء أو بأية نقمة يقدم قبلي مسلمٌ والمهلب ويدعي ابن منجوف أمامي كأنه خصمي أتى للماء من غير مشرب وعمير بن الحباب هو الذي يقول‏:‏ وكان قطبة بن حصراء أقرع أزعر سنوطاً وكان سيداً فارساً وهو الذي يقول‏:‏ لا يمنع المرء أن يسود وأن يحمل في القوم قلة الشعر من يك ذا لمةٍ يفيئها فهل تراني يضرني زعري وقال حصين بن القعقاع للأقرع بن حابس‏:‏ يا أقرع الرأس من القذال وأعرج الرجل من الشمال وقال الفرزدق‏:‏ ألم ترأنا بنو دارم زراة منا أبو معبد وناجية الخير والأقرعان وقبرٌ بكاظمة المورد وقال الرشيد بن رميض‏:‏ جاءت هدايا من الرحمن مرسلةٌ حتى أناخت إلى أبيات بسطام جيش الهذيل وجيش الأقرعين معاً وكبة الخيل والأزواد في عام وكان حمران بن أبان النمري أقرع الرأس أجرد أو سنوط اللحية ليس في وجهه شعر‏.‏

وكذلك أبو زكريا يحيى بن أبي طلحة الأنصاري إمام مسجد الجامع بالبصرة‏.‏

ويقال إن بني الهجيم أثطاط قال الشاعر‏:‏ وكان عبد الله بن الزبير نحيفاً خفيف اللحية جداً وكان يقول‏:‏ عالجتها ستين سنة فلما بلغتها يئست منها‏.‏

وكان الأقرع أبو السائب بن الأقرع من دهاة الرجال وكذلك السائب‏.‏

قال‏:‏ وكان اسم حاجب بن زرارة زيد وكان عظيم الحاجبين ولذلك سمي حاجباً وأما قول الفرزدق‏:‏ زرارة منا أبو معبد فذلك كقوله‏:‏ وأبو قبيصة والرئيس الأول فجعل زرارة بن عمرو أبا قبيصة وكان زرارة يكنى أبا خزيمة وإنما ذلك كقول الشاعر في معاوية بن أبي سفيان‏:‏ فهبها أمةً هلكت ضياعاً يزيد أميرها وأبو يزيد استجاز ذلك لأنه قد كان له ابن يسمى يزيد ولو زعم أن ذلك كنيته كان قد كذب وضرار بن عمرو الضبي كان يكنى أبا عمرو ولك يكن يكنى أبا قبيصة وإياه يعني الشاعر‏:‏ أبلغ ضراراً أبا عمرو مغلغلة أن كان قولك ظهر الغيب يأتينا وأنه عبيداً فلا يؤذي عشيرته نهيك خيرٌ له من نهي ناهينا

 

باب القول في الأيمن والأعسر والأضبط وفي كل أعسر يسر

قال‏:‏ فمن العسر‏:‏ يزيد بن حذيفة الأعيسر وهو الذي كان أسر الهذيل التغلبي في الجاهلية من ولد سعد بن زيد وكان رأس بني تميم وابنه مجاعة بن سعد وكان من وجوه بني تميم وقد ولي الولايات وقاد الجيوش‏.‏

ومن العسر حابس بن حبيس الأعسر الأزرقي وهو القائل‏:‏ وأعسر في الحرب ذي تدرإ إذا الحرب ألقت لها كلكلا تهكم فيها على قرنه ولم ير عنها له معدلا فلست أبالي إذا ما قتل - ت كبش الكتيبة أن أقتلا ومن العسر زهير بن عمرو بن معاوية الضبابي كان أول من خرج على أبي الجون ولقيط وحاجب بن زرارة وعلى ذلك الجيش أجمع يوم شعب جبلة وهو قابضٌ بيمينه على ذنب فحل أعور وقابض بيساره على السيف صلتاً وهو يقول‏:‏ والشر في أكثر فقال‏:‏ حاربني أعسر وذو ناب أعور ارجعوا يا بني أسد فكان ذلك أول هزيمتهم‏.‏

قال‏:‏ ومن العسر زهير بن مسعود بن سلمى الشاعر الضبي كذلك كان يدعى‏.‏

ومن العسر كردويه الأقطع رئيس بطارقة سندان وبكاكرة الفتيان فكان يضرب بيده اليسرى على عادته الأولى ولم يضرب أحداً إلا حطمه وكان إذا ضرب قتل فإن لم يصب بعموده الضربة سقط لأن جناحه الآخر كان مقطوعاً وكان محمد بن يزيد مولى المهالبة أشد الناس في فتنة سندان له في كل يوم يكون فيه حربٌ أسيرٌ يأخذه من صف عدوه عنوة أخذ يدٍ فيضجعه ويذبحه والناس ينظرون إليه فشد عليه كردويه ذات يوم وثبت له محمد بن يزيد فاختلفا ضربتين فضربه كردويه ضربةً خر منها ميتاً لم يفحص برجلٍ ولم يتحرك له عرق وكان كردويه مع فتكه وإقدامه يتشيع فكان لا يبدأ بقتال حتى يبتدأ‏.‏

قال‏:‏ ومما جاء في الشعر من المثل بضرب الأعسر ورميه من قول الشاعر‏:‏ كأن الحصا من خلفها وأمامها إذا نجلته رجلها حذف أعسرا زقال شماخ بن ضرار‏:‏ لها منسمٌ مثل المحارة خفه كأن الحصا من خلفه حذف أعسرا وقال مزرد بن ضرار في ضيفٍ له شرب عساً من لبن فوصف خفته على يده وسرعة إهوائه به إلى فيه‏:‏ فواجهه جذلان حتى أمره بيسرى يديه كالشمال المخاطر وأنشد في صفة الفرس‏:‏ فبات يعبا في الخليج كأنه كميتٌ مدمي أصبغ اللون أفرع والخليج‏:‏ المقود المفتول شزراً وهو ما يفتل على العسر أو من الفتل القبيل والدبير وكذلك قوله‏:‏ نطعنهم سلكى ومخلوجةً لفتك لأمين على نابل طعن على الاستقامة وعلى العسراء ووصف الآخر صقراً لصاً ينقض ويضرب بمخلبه فقال‏:‏ حتى انتحى كالنبطي الأعسر قال‏:‏ وليس يكون الولد إلا من البيضة اليسرى قالوا‏:‏ ولذلك قال الجارود بن أبي سبرة الهذلي في شماتته ببلال بن أبي بردة حين عذب‏:‏ يقر بعيني أن ساقيه دقتا وأن قوى الأوتار في البيضة اليسرى قالوا‏:‏ فأما النفس من المنخرين جميعاً فإنه مقسم بالساعات عليهما بأعدل قسمة إن الإنسان ليس يتنفس في كل حالاته من المنخرين جميعاً إلا أن يستكره ذلك فأما إذا ترك الطبيعة وسوسها وسجيتها فإنها تدفع النفس وبخار الجوف وتجلب روح النسيم ساعةً من الأيمن وساعة من الأيسر وقال جهيل اليشكري يصف تعاقب عيني الذئب إذا قسم الحراسة بينهما إذا نام‏:‏ وأعور من يمناه ما شاء مرةً وإن شاء من يسراه ما كان راقدا لقد فزت دون العور أوس بوثبةٍ فأعطيت ناباً يفلق الصخر حاردا وقال حميد بن ثور في صفة نوم الذئب‏:‏ ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع فلم يرض بما قال حميد حتى قسم بينهما الحراسة على السواء وحميد إنما قال هذا على المثل لا على التحقيق قالوا‏:‏ والسباع هي الظاهرة عليها والآكلة لها وكانت البهائم هي المغلوبة والمأكولة وفي القياس أن الصائد أرفع من الصيد‏.‏

والسباع عسر والدليل على ذلك أن سيد السباع ورئيسها وهو الأسد كذلك وكذلك كل شيء صور على صورته وحمل على تركيبه ولو تفقدتم ذلك في سنانير البيوت والدور لوجدتموها عسراء ويدل على ذلك قول أبي زبيد الطائي وكان بأخلاق السباع وعاداتها فيضرب بالشمال على حشاه وقد نادى فأخلفه الأنيس وقالوا‏:‏ وليس الأيمن بأشد ذهاباً من الأعسر بيساره وراينا الأيمن يتعلم الدمى بالعسراء فتكون رميتة أشد و أسد‏.‏

ولم نر عسراً قط يتعلم بيمينه الرمي ولو أن إنساناً علق أوتار العود على العسراء لم يكن في الأرض أيمن يضرب به ولا يتعاطى ذلك منه ولم يطمع فيه غير أن يعيد تلك الأوتار وقد كان علويه يتناول العود وأوتاره على اليمين فيضرب وهو أعسر من غير أن يغيره ضرباً يعجز عنه كل أيمن في الأرض‏.‏

قالوا‏:‏ ومتى لقي في الحرب رجل أعسر رجلاً أيمن مع كل واحد منهما سيف أو عصا كان الأيمن أشد هيبةً للأعسر من الأعسر للأيمن‏.‏

قالوا‏:‏ وكل طفل في الأرض فهو أعسر لا يختلفون في هذا حتى إذا شبوا افترقوا فصار منهم الأعسر والأيمن والأضبط ومنهم من يصير أعسر يسر إلا في إمساك الثدي فإن الطفل أكثر ما يمسكه باليمين‏.‏

قالوا‏:‏ كل بهيمةٍ في الأرض وكل سبع من ذوات الأربع فإنه إذا ربض لا يربض إلا على شقه الأيسر يتجافى عن الشق الذي فيه الكبد لقلة احتمال الكبد للحمل عليها بلا تعليم ولا تلقين ولكن بإلهام خالقها وبتعريفه لها مصالحها فسبحانه ومن ذلك قول إسحاق ابن دينارويه المتطبب لابن عبد الملك‏:‏ حاجتي أن ترفع المتكأ عن يمينك وتخرج العدس من مطبخك‏.‏

قالوا‏:‏ لو هرب هاربٌ من حرب أو سبع أو ما أشبه ذلك وقد ترك نفسه على سومها ولم يستكرهها على غير سجيتها فإن ذلك الهارب لا يوجد إلا في الشق الأيسر إلا أن يخرج لسانه فإنه إن أخرجه من حاق وهل الجنان أو من حاق الجد والاجتهاد فإنه يعدل به إلى يمينه عن شماله وكذلك الثور إذا هرب من الكلاب ولذلك قال عبدة بن الطبيب‏:‏ مستقبل الريح يهفو وهو مبترك لسانه عن شمال الشدق معدول وأنشد الأصمعي لبعض الشعراء وهو يمدح قوماً بخلاف أخلاق الهرب‏:‏ إذا فزعوا لم يأخذوا عن شمالهم ولم يمسكوا خلف القلوب الخوافق ومن النساء نساء يعملن كل شيء بأيمانهم غير النقاب وغير ضرب الدف‏.‏

قالوا‏:‏ ومن العرب قبائل تدير الكأس عن اليسار منهم باهلة بن أعصر وقد قال الشاعر‏:‏ وباهل لا يسقي على اليمن كاسها سقاها من المهل المذاب مليكها وقد قال الشاعر في النساء اللواتي يلبسن الثياب باليسار واليمين‏:‏ يلثن الخز ميمنةً ويسرى بعبلات أناملها طفول الحمد لله الذي أرضاني بمقتل السرحان بعد السرحان ماض على سياسة العسران يرمون بالأشمل قبل الأيمان وعن عمرو بن جميع عن ليث بن أبي سليم قال‏:‏ قال علي بن أبي طالب‏:‏ اللحم من اللحم فمن لم يأكل اللحم أربعين يوماً ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه اليمنى‏.‏

قالوا‏:‏ ولم يقل في اليسرى‏.‏

قالوا‏:‏ وأنتم لا ترضون إلا بالتفصيل ولا من التفصيل إلا بالإفراط والروايات المأثورة والأخبار الصحيحة والأحكام المستعملة ترد عليكم مذهبين بنكر مقالتكم‏.‏

روى يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال‏:‏ بصر النبي صلى الله عليه وسلم بنخامة في المسجد فحكها ثم قال‏:‏ ‏"‏ إن أحدكم إذا كان يصلي استقبلته الرحمة وكان ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أمامه ولا عن يمينه ولا عن يساره يفعل هكذا ثم بصق في ثوبه ورد بعضه على بعض ‏"‏ قالوا‏:‏ فلم نر النبي عليه السلام قدم يداً على يد ورأيناه قد ساوى بينهما‏.‏

وأبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال‏:‏ قال عبد الله‏:‏ لا يجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزءاً ألا ترى أن حتماً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه فقد رأيت رسول الله عليه السلام أكثر ما ينصرف عن يساره‏.‏

وهذا الحديث أشد عليكم من الأولين‏.‏

وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ بالميامن فدعا علي بالوضوء فبدأ بمياسره وقال‏:‏ لأكذبن حديث أبي هريرة‏.‏

قالوا‏:‏ وجدنا ديات الأيدي والأصابع والأرجل والآذان سواء فإن اعتللتم بأن الكبد الشق الأيمن والطحال الشق الأيسر وزعمتم أن الكبد أرفع منزلةً من الطحال فالفؤاد الذي هو سيد الأعضاء مركب في الجوف مما يلي اليسار دون اليمين وهذه أيضاً فضيلة لليسار على اليمين‏.‏

قالوا‏:‏ ووجدنا فقهاءنا وعوامنا لا يتختمون إلا في اليسار ومعاقبة الخواتيم في الأصابع ليس للخاصة فيه فضل على العامة فنحن لا ندع هذا الأمر الظاهر للرواية الشاذة‏.‏

وروى المعلا عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن صلة أبو يحيى بن جارية عن عمار بن ياسر قال‏:‏ رأيت النبي عليه السلام ينصرف عن يمينه ويساره فقد سوى بينهما‏.‏

 

باب ما جاء في فضل الأيمن على الأيسر

قال الأيمن‏:‏ الناس كلهم يقتسمون في هذا الباب على أربعة أقسام‏:‏ أيمن وهو الذي يكون أكثر أعماله بيمينه وأعسر وهو الذي يكون أكثر أعماله بيساره وأضبط وهو الذي يعمل بهما جميعاً وأعسر يعسر وهو الذي يكون استعماله ليمينه كاستعماله ليساره سواء‏.‏

وكان عمر الأصمعي‏:‏ عن بعض رجاله قال‏:‏ نظر أعرابي إلى عمر ثم قال للناس‏:‏ ما رجل رأيته أعسر يسر لا يأخذ أحداً إلا كدس به إما أن يكون خير الناس أو شر الناس‏.‏

وقد روى الناس عن الأحنف أن عمر كان أعسر يسر وقد جعل الناس كبيراً الأضبط مثل أبي عامر الأضبط وهو الذي قتله محلم بن جثامة أضبط الناس وجعلوا الأضبط بن قريع كذلك‏.‏

فإن كان اسمه أضبط فقد بطل دليلهم إلا أن يكون له اسم غير الأضبط وكذلك القول في البيت الذي أنشدوه في الناقة حيث يقول الشاعر‏:‏ عذافرة ضبطاء تخذى كأنها فنيق فلعله ذهب إلى الضباطة إلا أن تكون الناقة قد كانت تقدم يدها اليمنى مرة واليسرى مرة وهذا لا يعرف‏.‏

وقال قالوا في الفرس الأعسر الذي يغرق ألبتة من جميع الخيل وزعموا أنه إذا مشى قدم يده اليسرى فأحسب أن الذي ذكروا من ذلك كما ذكروا لأية علة إذا كان أعسر غرق ونحن نجد الأعسر من الناس سابحاً ماهراً مثل الأيمن لا ندري ما هذا إلا أنا قد علمنا أن من الخيل ما لا يسبح وهو الذي يسمونه الأعسر ليس عندنا إلا هذا‏.‏

وجميع الحيوانات إذا سقط في الماء سبح ونجا إلا الإنسان والقرد والفرس الأعسر فأما الإنسان فإنه بالتعلم يصير سابحاً وأما القرد والفرس الأعسر فليس إلى سباحتهما سبيل والحيات تسبح إلا بعض الحيات فإن لها سباحة سوء فأما العقرب فإنك إذا ألقيتها في الماء لم ترسب ولم تطف ولم تتحرك ولكنها تبقى في وسط عمق الماء غير زائلة من مكانها وهذا عجب‏.‏

وقد زعم أناسٌ أن عبد الله بن عمر بن العاص كان أعسر يسر لأنه كان يقاتل في حرب صفين بسيفين وهذا لا يكون‏.‏

وممن كان يتقلد سيفين في الحرب ولا يضرب بهما معاً بيد ولا بيدين عباس النخشي وأنا رأيت رمحه وكان كله من حديد‏.‏

وكان الصفري الذي قتله ابن راعول أيام المبيضة يتقلد بسيفين وكان الفضل بن سهل يتقلد بسيفين يجعلهما كالوشاح وقد تقلد خالد بن الوليد في يوم مؤتة عدة أسياف وانقطعت في يده تسعة أسياف‏.‏

وكان عمرو بن معدي كرب يقول‏:‏ عليكم بالنفح وإياكم والهبر فإنه يقطع متن السيف‏.‏

ولم يكن عمرو أعرف بذلك من خالد‏.‏

وقد يستعمل الرجل يديه جميعاً في مواضع نحن ذاكروها إن شاء الله وقالت امرأة ترثي عمير بن معبد بن زرارة‏:‏ أعيني ألا فابكي عمير بن معبد وكان ضروباً باليدين وباليد تعني باليد السيف وتعني باليدين القداح وقربوا إلى حسان بن ثابت طعاماً بعد أن كف بصره فقال لابنه‏:‏ أطعام يد أو يدين طعام اليد الثريد وما أشبه ذلك من الحريرة والعصائد والحيس والوطيئة والأرز والفالوذج وما أشبه ذلك وطعام يدين كالشواء وما أشبه ذلك‏.‏

وقال يزيد بن أسيد لغلام له وقد أتوه بأسير اضرب ولم يزده على ذلك فقال الغلام‏:‏ بيدين أو بيد فقال‏:‏ بيدين فضرب عنقه فأعتقه يزيد بن أسيد وزوجه وأدناه للذي رأى من فهمه وجودة استفهامه‏.‏

وقال الفرزدق مثل ذلك حين ضرب عنق الرومي فنضا سيفه فضحك الناس‏:‏ أيعجب الناس أن أضحكت خيرهم خليفة الله يستسقى به المطر ولن تقدم نفس قبل ميتتها دمع اليدين ولا الصمصامة الذكر لأنهم كانوا يفعلون ذلك إذا ضربوا الأعناق وقالت بنت عتيبة بن مرداس ترثي أباها‏:‏ وكان عتيبة‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

ولا تلقاه يدخر النصيبا ضروب باليدين إذا اشمعلت عوان الحرب لا ورعاً هيوباً قالوا‏:‏ كان يلحق الفارس والفارس مستخذ له حتى يجمع يديه على مقبض سيفه ثم يضربه لأن ذلك لا يمكن في نفس المعركة وعند المشاولة والمنازلة وقالت خرنق بنت هفان‏:‏ لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر ولم ترد أنهم يطعنون بالرماح ويضربون بالسيوف ولكنها خبرت أنهم كانوا فرساناً ولم يكونوا رجالاً ولا ركباناً‏.‏

وحدثني حسين بن عبيد وكان من خاصة أبي السرايا قال‏:‏ كان أبو السرايا إذا لحق الفارس لا يضربه بسيفه حتى يجوزه ثم يستقبله بضربةٍ‏.‏

ويقال‏:‏ قد أخذ فلان فلاناً باليدين وقال الشاعر‏:‏ وإذا صنعت صنيعةً أتممتها بيدين ليس نداهما بمكدر وإذا تباع كريمة أو تشتري فسواك بائعها وأنت المشتري ومما يحفظ مع هذين البيتين وإن لم يكن فيه ذكر اليدين قول الشاعر‏:‏ إذا لبسوا عمائمهم طووها على كرم وإن سفروا أناروا يبيع ويشتري لهم سواهم ولكن بالطعان هم تجار إذا ما كنت جار بني خريم فأنت لأكرم الثقلين جار وقال سليم‏:‏ وذي كلب تعادي القوم منه تركت مجدلاً والقوم زور جمعت له يدي بذي كعوب عشا سوآته عني تطير فذكر أنه طعن بيديه جميعاً وهذا عند أهل الحرب اليوم وإنما هو طعنة رجل إلا أن يكون في حال استخذاء من المطعون وقد أمن ما وراء ظهره وقد قالوا في معنى قول القائل أخذ فلان فلاناً باليدين قال الحارث بن الوليد وكان شاعراً‏:‏ ألا أبلغ بني أروى رسولاً وما أربي إلى كذب ومين فإني قد طلبت العذر منكم كما طلب البراءة ذو رعين فلولا الله والإسلام مني وما قد لف بينكم وبيني رحلتكم بقافية شرود من المثال عيناً غير دين كأنكم وتر ككم أخاكم وأخذكم المحير باليدين كعاطلة أرادت أن تحلي فخيرت الرصاص على اللجين وقال الله عز ثناؤه‏:‏ ‏"‏ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ‏"‏ ثم وصف الفريقين‏.‏

وقال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏"‏ والسماوات مطويات بيمينه ‏"‏ وقال امرؤ القيس‏:‏ وقلت يمين الله أبرح قاعداً ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي وقال الشاعر جميل‏:‏ جادت له عمرو الغداة يمينه كلتا يدي عمرو الغداة يمين ما إن يجود بمثلها في مثله إلا كريم الخيم أو مجنون وقال جبلة بن الأيهم لحسان بن ثابت‏:‏ أين أنا من النعمان بن المنذر قال حسان‏:‏ والله لشمالك خير من يمينه ولقفاك أحسن من وجهه ولأمك أكرم من أبيه‏.‏

وقال عبد الرحمن بن الحكم في مروان بن الحكم‏:‏ فذا العرش غير ما بمروان إنني أراه بمعروف الخلائق أعسرا وقال ابن هرمة‏:‏ وكنت امرءاً لم أبغ بيعة باطل بحق ولم آخذ بأيمن أعسرا وقال الأيمن تقول العامة‏:‏ ما يسوي فلان كعباً أعسر وإنما بنو فلان كعاب عسر قال الشاعر‏:‏ إن كبر الناس عنا وإن يعنوا يكبر فليس يعدو خلافاً إذ قيل خالف تذكر خلاف كعب ذي دارتي - ن في الرأس أعسر قالوا‏:‏ ورأينا في الملوك الأشراف الحول والزرق والعرج وكذلك العلماء م نر عالماً قط ولا ملكاً أعسر والأعسر إذا اشتمل بثوبه ومشى فكأنه مختل ويظهر عند ذلك نقصه والتشويه ومر الأحنف بعكراش بن ذويب وقد كان شهد الجمل فقطعت يداه جميعاً فلما مر به الأحنف صاح‏:‏ يا مخذل فقال الأحنف‏:‏ أما إنك لو كنت أطعتني لامتسحت بشمالك وأكلت بيمينك‏.‏

ألا ترى أن الشمال إنما هي للاستنجاء والمخاط والأمور المرغوب عنها وقال الشاعر‏:‏ غراب شمال ينفض الريش جاثماً وقال شتيم بن خويلد‏:‏ وقلت لسيدنا يا حكي - م إنك لم تأس أسواً رفيقا أعنت عدياً على شأوها تعادي فريقاً وتبقي فريقا أطعت عريب إبط الشمال يجز بحد المواسي الحلوقا وقال الشاعر‏:‏ وخصم غضاب ينفضون رءوسهم أولى قدم في الشغب صهب سبالها ضربت لهم إبط الشمال فأصبحت يرد عداةً آخرين نكالها وقال الله جل ذكره‏:‏ ‏"‏ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ‏"‏ فقطعوا اليمين وإن كان إنما يسرق باليسار وكذلك إن كان أعسر والجانب الأيسر من الدابة هو الجانب الوحشي وقولهم أمر وما تفعل فإنك حذلمي يمينك حين تبسطها شمال وذكرتم الاتكاء على المساد وربوض ذات الأربع على الشق الأيسر وهذا حجة عليكم لأن ذلك إنما كان من الناس والبهائم صيانةً للكبد التي بصلاحها تصلح المعد والكروش وأجواف السباع وهي التي تقسم الأغذية وبصلاحها تصلح الطبيعة‏.‏

قالوا‏:‏ الجندي إذا ذهبت عينه اليمين سقط من الديوان لأنه إذا اتقى بترسه حجبت عينه اليسرى وهو ذاهب اليمين فيصير كالأعمى‏.‏

قال الأعسر‏:‏ أين أنتم عن الحجاج بن صامت قائد الناس يوم الأزارقة وهاشم المرقال وفلان إنما كانوا عوراناً من جهة العين اليمين‏.‏

قال القوم‏:‏ هؤلاء قادة وإنما نحن في ذكر الأتباع وهؤلاء إنما يراد منهم التدبير والتوقف والاسم المهيب الطائر في الآفاق‏.‏

وكان كلاس ومقلاس أخوين أحدهما أيمن والآخر أعسر فكان الأيمن يفخر على الأعسر فأخذوا في سرق فقطعت أيديهما فكان الأيمن لا يستطيع أن يعتمل بيده وكان الأعسر يعمل بيده العسراء أعماله كلها على صحته وعادته ففخر الأعسر على الأيمن بذلك فقال الأيمن‏:‏ ما علمت للأيسر فضيلة إلا أن يسرق فيؤخذ فتقطع يمينه‏.‏

قالوا‏:‏ وكان عمر بن الخطاب يخرج الضاد من شدقه الأيسر كما يخرجه من شدقه الأيمن ومن لم يكن أعسر يسر فإنما يخرجه من شدق واحد وهو الأيمن وهذه فضيلة الأيمن على الأعسر‏.‏

قالوا‏:‏ وإنما صار هذا أعسر وهذا أيمن على قدر قوة الكبد والطحال فإن كانت جواذب الكبد أكثر وأشد كانت الأعمال لليمنى وإن كانت جواذب الطحال أكثر وأشد كانت الأعمال لليسرى‏.‏

وأما الذين زعموا أن الناس إنما افترقوا بعد اجتماعهم وهم أطفال على العمل بالعسراء على قدر ما يجب على كل إنسان وعلى قدر ما اتفق فهذا القول باطل ولم تكن ها هنا علة ولو كانت علة ذلك التكلف لكانت العادة الأولى أخف عليهم ولم يكونوا ليستكرهوا أنفسهم على شيء لا يرون فيه من الفضل ما يوازن ذلك ولو كان ذلك من طريق الاتفاق لم يتفق ذلك في جميع الأمم في كل زمان وفي كل بلد إلا في الواحد الشاذ وهو باطل‏.‏

قالوا‏:‏ فقد كان ينبغي لأهل الجنة ألا يكون منهم إلا أعسر يسر قلنا‏:‏ هذا ما لا يقف عليه وليس يقع على أهل الجنة اسم أعسر ولا اسم أيمن وليست هناك معاناة لأن الغايات هناك تامة والأمور كائنة على غاية الموافقة وعلى تمام النعمة‏.‏

قالوا‏:‏ ولو لم يكره الأيمن لأن يكون أعسر إلا لأن الشيطان أعسر لكان ينبغي له أن يكره ذلك‏.‏

يزيد بن هارون عن هشام بن عبد الله عن هفان عن أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ‏"‏ لم يقل‏:‏ فإن الشيطان‏.‏

‏.‏

‏.‏

بيساره لأنت اليسار كناية عن الشمال وتهوين الأمر‏.‏

وهذا أبو داود صاحب الطيالسة وكان من حفاظ الحديث عند يحيى بن سعيد الأحول القطان وكان يحيى فوقه في الحديث وفي الحال الحسنة عند أصحاب الحديث‏.‏

فأكل بشماله فقال له يحيى‏:‏ بيدك اليمين على قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فهي مشغولة قال‏:‏ لا قال‏:‏ فلم لا تأكل بيمينك قال‏:‏ كان فلان لا يرى بأساً أن يأكل الرجل بيده اليسار قال‏:‏ وما حاجتك إلى أن تصنع شيئاً من غير علة فتحتاج فيه إلى أن تصيب من يخرج لك فيه عذراً ثم جذب يده اليمنى فأدخلها في الصحفة‏.‏

قالوا‏:‏ ومما يؤكد حال الشيطان في ذلك ما رواه يزيد بن هارون عن الجريري عن أبي العلاء عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي عليه السلام فقال‏:‏ يا رسول الله‏!‏ إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي فقال رسول الله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسست ذلك فاتفل عن يسارك ثلاثاً وتعوذ بالله من شره ‏"‏ ألا ترى أن الشيطان إنما أتاه من قبل يساره لأنه أعسر فهو يذهب إلى شكله من الجوارح وأنشد أبو زيد لبعض الرجاز‏:‏ حتى يلوي باللحاء الأقشر تلوية الخاتن زب المعذر قال أبو محمد الفقعسي‏:‏ ووصف فحل الإبل فقال‏:‏ لها لهاة ورجاح فارض جذلاء كالوطب لحاه الماخض وقال أبو القماقم‏:‏ كان لنا جار تزوج امرأةً عسراء فلما ماتت المرأة جعل يخطب فكان يدل على ما يسأل الناس عن جمالها ومالها وعفافها وحسبها وهو يسأل فيقول‏:‏ خبروني عنها عسراء هي وخبروني عن أمها قالوا‏:‏ ونحن ما علمنا بذلك ولا سمعنا بأحد يسأل عن هذه المسألة فكانوا يضحكون منه ويعتذر إليهم بما ابتلى به في جميع ولده‏.‏

قالوا‏:‏ والأعسر الحارض البائر الذي خرجت أخلاقه على قدر قبح شمائله‏.‏

قالوا‏:‏ وناس من أصحاب الأهواء يدفنون الميت من يده اليسرى كيلا يأخذ كتابه بشماله فقال زرارة بن أعين‏:‏ فيومئذ قامت شمال بحقها وقام عسيب العين ميعاء يخطب وقال معدان الأعمى وهو السري الشميطي‏:‏ منهم جاعل العسيب إماماً وفريق يرض زيد الشمال أبو النضر قال‏:‏ حدثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه أن رجلاً أكل عند النبي عليه السلام فأكل بشماله فقال ‏"‏ كل بيمينك ‏"‏ قال‏:‏ لا أستطيع قال‏:‏ ‏"‏ لا استطعت ‏"‏ فما وصلت بعد إلى فيه‏.‏

وسفيان عن الزهري عن أنس قال‏:‏ قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأنا ابن عشر سنين ودخل علينا دارنا فحلبنا له من شاة داجن لنا وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه وكان عمر ناحية فقال‏:‏ أعط أبا بكر فأعطى الأعرابي وقال‏:‏ الأيمن فالأيمن قال‏:‏ فهي السنة‏.‏

وسعيد عن سلمة عن هشام عن عبد الملك عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام دخل المسجد ويده اليمنى على أبي بكر ويده اليسرى على عمر وقال‏:‏ ‏"‏ هكذا نبعث يوم القيامة ‏"‏‏.‏

والمتطببون يزعمون أن النوم على شق اليمين يوهن الكبد ويثقل الكبد عن هضم ما في المعدة وقد رأيت من لا أحصي من الرجال أكثر نومهم على الشق الأيمن وما أحسوا بسوء ذلك قط وقد يجوز أن يكون تأوي حديث النبي صلى الله عليه وسلم على أن يبدأ على اليمين ثم يتحول إذا شاء‏.‏

ذكر ذلك يزيد عن هشام عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بإزاره فإنه لا يدري ما خلف عليه بعده ثم ليضطجع على شقه الأيمن ويقول‏:‏ باسمك رب وضعت جنبي رب رب لدفعه ‏"‏‏.‏

ومن حديث حفصة بنت عمر‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه توسد يده اليمنى وقال‏:‏ رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ‏"‏‏.‏

تم كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان بحمد الله وعونه وتأييده وصلى الله عليه محمد وآله وسلم‏.‏

كتاب الهيثم بن عدي

بسم الله الرحمن الرحيم قال الهيثم بن عدي‏:‏ العميان الأشراف شعيب النبي عبد المطلب بن هاشم العباس بن عبد المطلب عبد الله بن العباس أبو سفيان بن حرب جابر بن عبد الله عبد الله بن أرقم الحكم بن أبي العاص الحارث بن العباس عتبان بن مالك عمرو بن أم مكتوم البراء بن عازب كعب بن مالك حسان بن ثابت عبد الله بن أبي أوفى قتادة بن النعمان أبو عبد الرحمن السلمي أبو أسيد الساعدي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مطعم بن عدي أبو بشر بن مطعم‏.‏

العور أبو سفيان بن حرب ذهبت عينه يوم الطائف‏.‏

الأشعث بن قيس ذهبت عينه يوم اليرموك‏.‏

المغيرة بن شعبة ذهبت عينه يوم القادسية‏.‏

جرير بن عبد الله ذهبت عينه بهمذان حيث وليها في زمان عثمان بن عفان‏.‏

عدي بن حاتم ذهبت عينه يوم الجمل‏.‏

عتبة بن أبي سفيان ذهبت عينه يوم الجمل‏.‏

سعيد بن عثمان ذهبت عينه بسمرقند مع طلحة الطلحات ذهبت عينه بسمرقند مع سعيد بن عثمان‏.‏

قبيصة بن ذؤيب ذهبت عينه يوم الجزيرة‏.‏

مالك بن مسمع ذهبت عينه يوم‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

بالبصرة‏.‏

قطن بن عبد الله بن الحصين ذهبت عينه بأذربيجان كان والياً عليها فلقي العدو فذهبت عينه‏.‏

قيس بن مكشوح ذهبت عينه يوم اليرموك‏.‏

الأشتر النخعي ذهبت عينه يوم اليرموك‏.‏

المختار بن أبي عبيد تناوله عبيد الله بن زياد بسوط فذهبت عينه‏.‏

عبد الله بن زيد أبو خالد القسري ذهبت عينه يوم مرج راهط‏.‏

عبد الله بن أبي عقيل‏.‏

الحنتف بن السجف التميمي‏.‏

علباء بن الهيثم السدوسي‏.‏

عمرو بن معدي كرب ذهبت عينه يوم اليرموك‏.‏

الحارث الأعور‏.‏

إبراهيم بن يزيد النخعي‏.‏

عبد الله بن عامر‏.‏

الحولان أبو جهل بن هشام أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة عمرو بن عتبة بن أبي سفيان أبان بن عثمان بن عفان عروة بن المغيرة بن شعبة أبو بكر بن أبي موسى الأشعري هشام بن عبد الملك عبيد الله بن عبد الله بن سمرة زياد بن أبيه عدي بن زيد الساعدي‏.‏

الزرق عبد الرحمن بن عياش العبدي العباس بن الوليد بن عبد الملك مروان بن محمد بن مروان‏.‏

الفقم عمرو بن سعيد بن العاص يزيد بن عبد الملك عمرو بن الزبير‏.‏